سورة الواقعة - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الواقعة)


        


{وَفَاكِهةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} قال ابن عباس: لا تنقطع إذا جنيت، ولا تمتنع من أحد أراد أخذها. وقال بعضهم: لا مقطوعة بالأزمان ولا ممنوعة بالأثمان، كما ينقطع أكثر ثمار الدنيا إذا جاء الشتاء، ولا يتوصل إليها إلا بالثمن. وقال القتيبي: يعني لا يحظر عليها كما يحظر على بساتين الدنيا.
وجاء في الحديث: «ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة إلا أبدل الله مكانها ضعفين». {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال علي: {وفرش مرفوعة} على الأسرة. وقال جماعة من المفسرين: بعضها فوق بعض فهي مرفوعة عالية.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني ابن فنجويه، حدثنا ابن حبيش، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي حدثنا أبو كريب، حدثنا رِشْدِين بن سعد، عن عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وفرش مرفوعة} قال: «إن ارتفاعها لَكَما بين السماء والأرض وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمسمائة عام».
وقيل أراد بالفرش النساء، والعرب تسمى المرأة فراشا ولباسا على الاستعارة {مرفوعة} رفعن بالجمال والفضل على نساء الدنيا دليل هذا التأويل قوله في عقبه: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} خلقناهن خلقًا جديدًا قال ابن عباس: يعني الآدميات العجز الشمط، يقول خلقناهن بعد الهرم خلقا آخر. {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} عذارى.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي عن الهيثم بن كليب الشاشي أخبرنا أبو عيسى الترمذي أخبرنا عبد بن حميد، أخبرنا مصعب ابن المقدام، أخبرنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: أتت عجوز النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال: «يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز»، قال: فولَّت تبكي قال: «أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: {إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا}».
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي ببغداد، أخبرنا خلاد بن يحيى بن صفوان السلمي حدثنا سفيان الثوري عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {إنا أنشأناهن إنشاءً} قال: «عجائز، كن في الدنيا عمشا رمصا. فجعلهن أبكارًا».
وقال المسيب بن شريك: هن عجائز الدنيا أنشأهن الله تعالى خلقا جديدا كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا.
وذكر المسيب عن غيره: أنهن فضّلنَ على الحور العين بصلاتهن في الدنيا.
وقال مقاتل وغيره: هن الحور العين أنشأهن اللهُ لم يقع عليهن ولادة فجعلناهن أبكارا عذارى وليس هناك وجع.


{عُرُبًا} قرأ حمزة وإسماعيل عن نافع وأبو بكر: {عُرْبًا} ساكنة الراء، الباقون بضمها وهي جمع عَروب أي: عواشق متحببات إلى أزواجهن. قاله الحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس.
وقال عكرمة عنه: مَلِقَة. وقال عكرمة: غَنِجَة. وقال أسامة بن زيد عن أبيه: {عربًا} حسنات الكلام.
{أَتْرَابًا} مستويات في السن على سن واحد.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني ابن فنجويه، حدثنا ابن شيبة حدثنا الفريابي عن علي بن أبي شيبة أخبرنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنةِ الجنةَ جردًا مردًا بيضًا جعادًا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم طوله ستون ذراعا في سبعة أذرع».
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي أخبرنا عبد الله بن محمود، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد، حدثني عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت. كما بين الجابية إلى صنعاء».
وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ينظر إلى وجهه في خدها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب، وإنه ليكون عليها سبعون ثوبا ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك».
وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يرَدُّون أبناء ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وكذلك أهل النار».
وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن عليهم التيجان، إن أدنى لؤلؤة فيها تضيء ما بين المشرق والمغرب».
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أخبرنا أبو طاهر الحارثي أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، أخبرنا عبد الله بن المبارك عن محمد بن سليم عن الحجاج بن عتاب العبدي عن عبد الله بن معبد الرماني عن أبي هريرة قال: أدنى أهل الجنة منزلة- وما منهم دنيء- لمن يغدو عليه ويروح عشرة آلاف خادم، مع كل واحد منهم طريفة ليست مع صاحبه.


قوله عز وجل: {لأصْحَابِ الْيَمِينِ} يريد أنشأناهن لأصحاب اليمين. {ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ} من المؤمنين الذين كانوا قبل هذه الأمة. {وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} من مؤمني هذه الأمة هذا قول عطاء ومقاتل.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني الحسين بن محمد العدل، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدقاق، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا عيسى بن المساور، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عيسى بن موسى عن عروة بن رويم قال: لما أنزل الله على رسوله {ثلة من الأولين وقليل من الآخرين} بكى عمر رضي الله عنهُ وقال: يا نبي الله آمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقناه ومن ينجو منا قليل؟ فأنزل الله عز وجل: {ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فقال: «قد أنزل الله عز وجل فيما قلت» فقال عمر رضي الله عنه: رضينا عن ربنا وتصديق نبينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من آدم إلينا ثلة ومنى إلى يوم القيامة ثلة ولا يستتمها إلا سودان من رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا الله».
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: «عُرضت عليّ الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجلُ والنبي ومعه الرجلان، والنبي معه الرهطُ والنبي ليس معه أحد ورأيت سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق فرجوت أن يكونوا أمتي فقيل: هذا موسى في قومه، ثم قيل لي: انظر، فرأيت سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا فرأيت سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب»، فتفرق الناس ولم يبين لهم فتذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون» فقام عكاشة بن محصن فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ فقال: نعم فقام آخر فقال: أمنهم أنا؟ قال عليه السلام: «قد سبقك بها عكاشة».
ورواه عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عرضتْ عليَّ الأنبياء الليلة بأتباعها حتى أتى علي موسى عليه السلام في كبكبة بني إسرائيل فلما رأيتهم أعجبوني فقلت: أي رب هؤلاء؟ قيل: هذا أخوك موسى ومن معه من بني إسرائيل، قلت: رب فأين أمتي؟ قيل: انظر عن يمينك، فإذا ظراب مكة قد سدت بوجوه الرجال، قيل: هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت: رب رضيت، رب رضيت، قيل انظر عن يسارك، فإذا الأفق قد سدَّ بوجوه الرجال، قيل: هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت: رب رضيت: فقيل: إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة لا حساب لهم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا وإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب، وإن عجزتم فكونوا من أهل الأفق، فإني قد رأيت ثم أناسا يتهاوشون كثيرًا».
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة فقال: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟» قلنا: نعم، قال: «أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟» قلنا: نعم، قال: «والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر».
وذهب جماعة إلى أن الثُّلتين جميعا من هذه الأمة وهو قول أبي العالية ومجاهد وعطاء بن أبي رباح والضحاك، قالوا: {ثلة من الأولين} من سابقي هذه الأمة {وثلة من الآخرين} من آخر هذه الأمة في آخر الزمان.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني الحسين بن محمد الدينوري حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان عن أبان بن أبي عياش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية: {ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هما جميعا من أمتي».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6